القرضاوي برئ من (مسلسل خالد بن الوليد) رضي الله عنه
فوجئ ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها منذ بداية شهر رمضان المبارك لهذا العام (1427هـ) أن عددا من القنوات الفضائية تقوم بعرض مسلسل عن حياة سيف الله المسلول (خالد بن الوليد رضي الله عنه)، وكان المأمول من القائمين على هذا المسلسل أن يعرضوا سيرة( خالد بن الوليد رضي الله عنه) بصورة جذابة مشوقة، بعيدة عن التشويه والتزييف، أو العصمة والتقديس، وخصوصا أن شخصية ( خالد بن الوليد رضي الله عنه) ليست من الشخصيات العادية؛ وإنما ( خالد بن الوليد) يعد فارسا من فرسان هذا الدين، وبطلا من أبطاله الأعلام، ومجاهدا من مجاهديه الكبار، الذين يفخر بهم المسلمون، على مر التاريخ.
وعلى غير المتوقع - كما كتب النقاد والمتخصصون - جاء المسلسل أقل من المستوى المطلوب، أداء وتمثيلا وربطا بمسيرة ( خالد بن الوليد).
كما أن المتابعين للمسلسل ذكروا: أن المؤلف والمخرج لم يكونا أمينين في عرض أحداث التاريخ، فربما - في بعض المواقف - كبروا ما حقه التصغير، وفي أخرى صغروا ما حقه التكبير، فضلا عن تزييف بعض حقائق التاريخ، وتهميش دور عدد من كبار الصحابة، وتشويه صورة البعض منهم رضي الله عنهم أجمعين.
ومن ذلك جعلهم العباس بن عبد لمطلب رضي الله عنه معتق بلال بن ر رباح رضي الله عنه بدلا من صديق هذه الأمة أبي بكر رضي الله عنه.
هذا بالإضافة إلى تجسيد شخصية أبي عبيدة بن الجراح، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ الذين منع العلماء تجسيد شخصيتهم تلفزيونيا
وزاد الطين بلة محاولة القائمين على العمل: التدليس على المشاهدين، حيث وضع هؤلاء اسم فضيلة شيخنا العلامة يوسف القرضاوي على ما يعرف بـ (تتر) المقدمة، مشيرين إلى أن الاستشارات الشرعية، لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، حيث كتبوااستشارات شرعية:أ.د يوسف القرضاوي)، فربما فهم البعض أن الشيخ قام بمراجعة المسلسل من ألفه إلى يائه، وأن كل ما يعرض فهو بموافقة الشيخ القرضاوي. وهو لم يحصل.
وغني عن البيان أن للصحابة جميعا منزلة عظيمة في قلوب المسلمين، فرضها لهم القرآن الكريم والسنة المطهرة، حيث قال تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ الفتح: 29. وقال رسوله : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم " رواه البخاري ( 3651 ) ومسلم ( 253).
ولله در أبي زُرْعة حين قال: : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح أولى بهم وهم زنادقة" العواصم من القواصم للإمام / ابن العربي / ص 34 / ط المطبعة السلفية .
ومن هنا فقد أردت أن أوضح حقيقة الأمر، وأجلي للناس علاقة الشيخ بهذا المسلسل _ التي زُجَّ باسم فضيلته دونما سبب، وإنما لحاجة في نفس القائمين على هذا العمل _ .
أولا: لم يكن لفضيلة الشيخ علاقة بهذا العمل لا من قريب ولا من بعيد، سوى رسالة جاءت من شركة تدعى (رواج) ذكرت فيها: أنها ستقوم بعمل مسلسل تاريخي عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، حيث يتناول هذا المسلسل سيرة البطل والصحابي خالد بن والوليد منذ ما قبل إسلامه وحتى وفاته .
وطُلب من فضيلة الشيخ أن يجيبهم عن أمور ثلاثة:
· حكم ظهور الصحابة في التمثيليات أو المسلسلات أو الأفلام ؟
· من الصحابة المحظور ظهورهم في التمثيل ؟
· هل محظور ظهور المبشرين بالجنة والخلفاء الراشدين ؟
ثانيا: أجاب الشيخ حفظه الله عن هذه الأسئلة، وكان مضمون إجابة الشيخ كالتالي:
أن الشخصيات التي حرم العلماء تمثيلها، هم:
1. الرسل والأنبياء، المذكورون في القرآن الكريم، وخصوصا أولي العزم من الرسل: نوح وإبراهيم وموسى والمسيح عيسى بن مريم ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
2. أمهات المؤمنين من أزواج رسول الله .
3. العشرة المبشرون بالجنة من الصحابة رضي الله عنهم، ولا سيما الخلفاء الراشدون منهم: أبو بكر وعمر عثمان وعلي رضي الله عنهم.
ثالثا: ذكر الشيخ أن بعضهم أضاف إليهم: الحسن والحسين من آل البيت رضي الله عنهم.
رابعا: أكد الشيخ - حفظه الله - على ضرورة الالتزام بالتاريخ الحق، وخصوصا المواقف التي تحتاج إلى تمحيص وتحقيق، مثل عزل عمر لخالد وبواعثه.
خامسا: كما اشترط الشيخ أن تأخذ الشخصية حقها في إبراز الخصائص وتجسيد الفضائل.
سادسا: اشترط الشيخ في الممثل الذي يقوم بتجسيد شخصية (خالد بن الوليد رضي الله عنه) أن يكون شخصية محببة لا اعتراض عليها.
وعلى هذا فإن أي مخالفة شرعية تظهر من خلال هذا العمل، يحاسب عليها القائمين على العمل - تأليفا وتمثيلا وإنتاجا وإخراجا - والشيخ براء من مخالفات هذا العمل، والله من وراء القصد، وهو نعم المولى ونعم النصير.
والحمد لله أولا وآخرا.