هذه قصة حدثت في أحد الأزمان حيث كان هناك ثلاثة رجال يجلسون على نهاية السوق ينتظرون رجلا معه متاعا لكي يحملون له متاعه على الحمار بأجر يقتضونه منه
فقال الأول ويسمى محمد بن عامر لصاحبيه : ماذا لو أصبحت ملكاً للبلاد فعندها ماذا تتمنون مني ؟
فرد عليه صاحبه الأول بسخرية فقال : لو أصبحت ملكا فأركبني على حماري هذا بشكل مقلوب وربطني عليه مكتوف الأيدي واجعله يمشي بي في هذا السوق والناس ينظرون إلي ويرمونني بالنعال والأحذية والقمامات
وقال الآخر يكمل السخرية عليه قائلاً : إذا أصبحت أنت ملكاً فأريد منك أموالا وجنان وجواري وعبيد وأن أكون وزيرا عندك
فوافق صاحبنا محمد بن عامر على هذه الشروط وانفجر صاحبيه عليه بالضحك والسخرية
ولكن صاحبنا كان صاحب همة وهدف
وفكر في سره وعلم أن هذه المهنة لا توصله إلى مايريد
فقرر أن يلتحق بالشرطة فهي أول الخيط والخطوة الأولى إلى الألف خطوة القادمة
وفعلا التحق بالشرطة وبإخلاصه وجده في العمل ظل في الترقي إلى أن أصبح رئيس كتيبة من إحدى كتائب الشرطة
ومرت الأيام وأصبح رئيسا للشرطة في بلده
وكانت أيامها الجيوش تقاتل الأعداء فقرر أن يلتحق بالجيش وأيضا مازال يرتقي فيه بسبب ذكائه وحنكته ما جعل قواده يعجبون بقدراته
وأصبح رئيس أحد الأجنحة في الجيش وتوفي أمير الجند وقرر القواد تعيينه قائدا عاما على الكتائب
(ومازال صاحبيه اللذين سخرا منه سابقا يعملون على الحمير أكرمكم الله )
وبعد انتهاء المعارك كان الملك في مرض موته وقرر أن يجتمع برئيس الوزراء وقائد الجيوش ( محمد بن عامر) وبعض الوزراء الاخرين
وصاحبنا حضر إلى الاجتماع اأخير في غرفة الملك وهو يوصي الوزراء خيرا بالبلاد والعباد وقرر أن يجعل ولياً للعهد منهم ولكن عاجله الأجل قبل أن يتم الاتفاق
وعندها كانت أطماع بعض الوزراء في حكم البلاد قد تتجه إلى كرسي الحكم ومن سيجلس عليه
ولكن صاحبنا كان غيورا على بلاده من كيد الطامعين
ودارت مؤامرات بين الوزراء كل منهم يريد أن يفتك بصاحبه
وطبعا صاحبنا محمد بن عامر أمير الجيوش كان محبوبا من قبل جيوشه وقد أعلنوا جميعا البيعة له وأعلنوا الحرب على من كان ضده
(ومازال رفاق ممحمد بن عامر في السوق على الحمير)
واستتب الأمر في آخره لمحمد بن عامر
وبعدما أصلح أمور البلاد والعباد
تذكر صاحبيه اللذين كانا معه في السوق
فدعاهما إليه فلم يعرفاه
قال للأول : ألا تعرفني ؟ ألا تتذكرني ؟
قال : لا والله إنما أنت ملك البلاد الجديد وهذا علمي بك
وقال للآخر : ألا تتذكر الحمار في السوق ؟ ألم يكن لكما صاحب ثالث؟ أين ذهب ؟
وهنا ذهلا من هول الذكرى ونظرا إلى بعضهما في ذهول ودهشة
وقالوا بصوت واحد : أنت محمد بن عامر ؟؟!!!
فقال : أنا محمد بن عامر الذي كنت أعمل معكم في السوق قد أسكن الله لي الأرض وطوع لي العباد
فهنأوه على هذا الملك العظيم وأرادوا أن ينصرفوا إلى سوقهم
فناداهم الملك قائلاً: أين؟قالا: إلى السوق نشهد أرزاقنا
فقال لهم : ليس قبل تنفيذ الوعد الذي وعدتكم إياه في ذلك اليوم
فاكتأب الأول وقال له : اعفني يا مولاي لقد كنت أمزح !
فقال له : لا ، سأنفذ فيك ما قررته على نفسك بلسان استهزاءك
فوضعه على الحمار وفعل به كما كان يقول تماما
والتفت إلى الاخر وقال له : خذ ماشئت مما طلبته مني ذاك اليوم
وذهبا فرحا مسرورا بما قاله وتمتع بالأموال والجنان التي أعطاه إياها الملك محمد بن عامر
\
الشاهد من القصة /
*هو أن صاحبنا محمد بن عامر عندما كان يحلم كان يتخذ جميع الأسباب المتاحة لتحقيق الحلم التي طالما حلم به
* ولكن صاحبيه كانا محبطين لا يقدرون على رفع أنظارهم بعد أنوفهم فكانت أحلام أحدهم أن يرزقه الله حمارا أكبر وأقوى لكي يحمل عليه متاع الناس أكثر ويكسب مالا أكثر
* أي أن الأحلام لا تنفع وحدها بدون وضع الرجل على أول خطوة من مجموع 1000 خطوة على الطريق ولا تقول أن الخطوات كثيرة فكما يقال ( النار من مستصغر الشرر) و ( إن الجبال من الحصى )
وتذكر قول الله تعالى( إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
أخوكم : أبوراتب
راجيا الدعاء